الاكتفاء ببيانات الشجب والاستنكار في مواجهة ممارسات الكيان
بقلم: محمد جبر الريفي
في الصراعات السياسية الإقليمية والدولية المعاصرة تتراجع الآن في غالبيتها المبادىء الوطنية والاقليمية وحتي الإخلاص للعقائد الدينية لتحل محلها المصالح المادية على اختلاف أنواعها وأشكالها وطبيعتها.
مصالح متعددة سياسية واقتصادية واجتماعية لهذا لم تعد القضايا العادلة تحوز بالاهتمام إلا بقدر ما تتحقق هذه المصالح المادية وهكذا تراجعت القضية الفلسطينية عما قبل حيث كانت القضية المركزية للأنظمة العربية حكومات وشعوب وهي قضية وطنية عادلة بكل أبعادها الوطنية والقومية والدينية فلم تعد لها الآن الأولوية في الاهتمام العربي والإسلامي لأن هناك قضايا قطرية كرستها التجزئة السياسية الممنهجة للوطن العربي أصبحت أكثر أهمية منها اما لأن هذه القضايا القطرية مرتبطة بأمن الأنظمة السياسية واستقرارها وهي في غالبيتها أنظمة استبدادية قمعية معادية للديموقراطية والمحافظة عليها من رياح التغيير حتى تمارس دورها السياسي المنوط بها في استمرار علاقات التبعية والإبقاء على واقع التخلف بكافة أشكاله خاصة منه الاقتصادي لتشكل سوق كبيرة رائجة بالسلع الاستهلاكية للدول الراسمالية الصناعية الكبرى وأما لكون هذه القضايا القطرية مرتبطة ايضا بحاجات الشعوب التي تعاني من ازمات الحياة المعيشية الطاحنة التي لم تجد لها حلولا حاسمة بسبب عدم وضع خطط تنموية كبيرة تخرج البلاد من واقع التخلف الحضاري بكل أشكاله.
لذلك كله أصبحت قضية حماية القدس والأقصى من التهويد وهي قضية في صميم المبادىء لأنها تدخل في اطار العقيدة الدينية الإسلامية لا تجد من يقوم بها بشكل حازم وفاعل يلزم الكيان الصهيوني على وقف مخططه التهويدي للقدس والتقسيمي للمسجد الأقصى زمنيا ومكانيا كما حدث للحرم الإبراهيمي في الخليل، فلا النظام العربي الرسمي الذي عقد بعض أطرافه اتفاقا للسلام مع الكيان الصهيوني كمصر والأردن أو الذي يقوم البعض الآخر بأحداث عمليات تطبيع علنية ومخفبة يمكن أن تضحي كل هذه الأطراف بمصالحها القطرية في سبيل حمايتهما من التهويد والتقسيم.
أما باقي الدول العربية والإسلامية ومنها دول إقليمية كبرى فمصالحها السياسية والاقتصادية التي توفرها لها علاقات التبعية مع دول الغرب الرأسمالية الكبرى هو عندها أهم بكثير من إقحام نفسها في صراع ديني طويل لا آفاق سياسية واضحة للوصول إلى حله كالذي يجري الآن في فلسطين المحتلة، لذلك كله لا غرابة أن نجد ظاهرة الصمت المطبق من دول العالم العربي والإسلامي على ما يجري في القدس هي السائدة في الموقف السياسي والاكتفاء ببيانات شجب واستنكار وذلك إرضاء للشعوب العربية والإسلامية التي يجتاحها الغضب من جراء ممارسات الكيان.
بيانات شجب واستنكار عودتنا على سماعها أجهزة الإعلام العربية عقب كل الممارسات العدوانية الصهيونية لا تردع حكومات هذا الكيان الذي يتغول بشكل عنصري وفاشي في ظل هذا الصمت العربي والإسلامي الذي يعبر في الحقيقة عن موقف العجز بحيث تفقد هذه البيانات اللفظية الدعائية قيمتها لأنها خالية من مفردات الضغط السياسي والاقتصادي والأمني التي تجعله يتراجع عن تحقيق مخططاته العنصرية.